ولم تمر سوى بضع سنوات، وإذا بعددٍ من الاكتشافات الجديدة تتوالى على أكثر من محور، كلها أسهمت في اختصار الوقت والجهد اللازم لفحص العينات الوراثية بشكل لم نكن نتخيله، وإذا بالقضايا السلبية التي تكتب تقاريرها دون نتائج تصبح في حكم النادر، فقد اكتشف كاري موليس عام 1985م تقنية مكاثرة المادة الوراثية (Polymerase Chain Reaction) أو ما يعرف اختصاراً (PCR) من خلال توظيف أحد أنزيمات بناء المادة الوراثية لنوع من البكتيريا التي تعيش في المياه الحارة (Thermus Aquaticus)، وحصل موليس على جائزة نوبل في الكيمياء عام 1993م إثر هذا الاكتشاف ، وتوفي في هذا العام 2019 م ، وقد أمكن توظيف تقنية مكاثرة المادة الوراثية في عدد من المجالات البحثية والتشخيصية في التطبيقات الطبية والزراعية والجنائية وغيرها، وكانت بداية استخدامها في المجال الجنائي في منتصف التسعينيات الميلادية ، حيث بدأت بالكشف عن التنوع الوراثي في مواقع محدودة كان من أبرزها (HLA DQα , Poly Marker). كما اكتشفت – على المحور الثاني – مواقع جديدة على المادة الوراثية تختلف عن المواقع التي تكشف عنها التقنية السابقة (RFLP)، وكانت لها مواصفات مقاربة من حيث وجودها في جميع الناس، واختلاف أعدادها فيما بينهم، إلا أن أعداد تلك المواقع المكتشفة آنذاك لم يكن لها القوة نفسها في الإثبات، وقد أطلق على تلك المواقع التكرارات القصيرة المترادفة (Short Tandem Repeats) أو ما عرف اختصاراً بـ (STRs) في الفترة الزمنية ذاتها، كما أمكن الاستفادة من دراسة التنوع في تتابعات المادة الوراثية في الميتوكوندريا (Mitochondria) – التي تورث عن طريق الأمهات عدا بعض الحالات النادرة جداً – حيث وظفت في أنواع من القضايا الجنائية، وقضايا النسب، وبالذات في العينات شديدة التحلل أو القضايا التي يتعذر وجود أركان مقارنة كافية فيها. وبعدها بسنيّات قليلة بدأ الاستغناء عن عدد من الوسائل المستخدمة لفصل أجزاء المادة الوراثية في الوسط الجيلاتيني، سواء من الأجاروز أو البولي أكريلاميد، واستخدمت عوضاً عن ذلك الأنابيب الشعرية الدقيقة، وذلك لتمرير أجزاء المادة الوراثية عبر تلك الأنابيب الشعرية على شعاع من الليزر وكاميرا مزودة بعدد من الفلاتر، ومرتبطة ببرامج حاسوبية تقوم بتحليل نتائج تلك العينات وتحولها إلى منحنيات بألوان مختلفة ومواقع مختلفة يمكن من خلالها قراءة السمات الوراثية للعينة التي نقوم بفحصها، وكان المحور الرقمي هو المحور الثالث الذي رافق تطوره تطور المحورين السابقين، حيث طورت برمجيات متعددة في إدارة العينات وتخزينها، وتحليل نتائجها، وحفظ تلك النتائج، وإجراء المقارنات بشكل سريع، وربطها بنتائج عينات سابقة في فترات زمنية مختلفة.
Awesome post! Keep up the great work! 🙂
Great content! Super high-quality! Keep it up! 🙂