نُشر المقال في العدد الثاني من مجلة المجموعة العلمية لعلوم الأدلة الجنائية لتحميل العدد الثاني
Sean Allocca
ترجمة : عادل البليهي
إنه من الصعب تقدير عدد المهاجرين غير الشرعيين الذين يعبرون إلى الولايات المتحدة الأمريكية كل عام، واكثر صعوبة هو تحديد عدد الاطفال منهم. لقد ألقي القبض مؤخرا على ما يقارب ٩٦٠٠ من ا طفال وحدهم (غير المصحوبين بذويهم) من قبل السلطات الأمريكية عام ٢٠١٤م، بزيادة قدرها ١٨٧٪ عن عام ٢٠١٢، وفقا لتقرٌر حكومي صدر حديثاً .ولكن يكاد يكون من المستحيل معرفة عدد الاطفال الذين هربوا من قبضة سلطات الهجرة إلى أيدي تجار البشر. تقول البروفيسورة سارة كاتسينس من جامعة ديوك بأمريكا«: هناك أزمة إنسانية “تحدث على الحدود، وفقا لتقرير نُشر مؤخراً أن هناك ١٣٧ طفلاً يسلمون أنفسهم لسلطات الهجرة كل يوم، وكل ثلاثة أيام يتم العثور على جثة طفل .كما أوضحت البروفيسورة كاتسينس لمجلة الطب الشرعي أن هناك أعدادا هائلة من الأطفال الذين يحاولون عبور الحدود،وأضافت أن هناك نسبة منهم لم يتم لم شملهم بأهاليهم. وقد اقترحت كاتسينس إنشاء قاعدة بيانات للحمض النووي البشري كقواعد البيانات التًي يستخدمها الاف بي اي FBI في البحث عن مرتبكي الجرائم. قاعدة الببانات هذه المقترحة من كاتسينس سوف تقوم بتسجيل بيانات الاطفال المهاجرين بطريقة غير شرعية، ومحاولة إصالهم إلى ذويهم أو في أسوأ الظروف التعرف على جثامينهم وابلاغ أهليهم بذلك.

واستطردت كاتسينس قائلة إن هذه الأزمة التي تحدث على الحدود تحتاج إلى طريقة غير تقليدية مثل (فحص المادة الوراثية) لفحص المهاجرين غير الشرعيين، حيث لا توجد وسيلة فعّالة على الحدود لحماية الأطفال وإنهاء معاناة الأسر التي لا تعلم أين أطفالها؟ وهل هم سُرقوا أم تم قتلهم أثناء هجرتهم غير الشرعية إلى الولايات المتحدة الأمريكية؟ وقالت أيضا إنه حينما ذهب أحد أفراد العائلة إلى الشمال للتسلل عبر الحدود فإنه يصعب التواصل مع عائلته، بل قد ينقطع بينهم الاتصال لشهور عديدة . وإذا ما أرادت هذه العوائل تعقب مصير أبنائها عن طريق بعض المنظمات العامة فإنها يجب أن تدفع الكثير من الاموال لهذه المنظمات؛ من أجل القيام بمهمة البحث عن أبنائهم، بالاضافة إلى أنه حتى الفحوصات الجينية غالباً لاتكون مفيدة إذا لم يكن هناك قاعدة بيانات يتم من خلالها حفظ نتائج هذه الفحوصات، وأشارت إلى أنها تعرف جيدا أن هناك جهودا كبيرة تُبذل على الحدود، ولكنها غير منظمةبشكل جيد. وأوضحت سارة كاتسينس أن هناك أمرين مهمين يجب القيام بهما من أجل حماية الاطفال الذين هاجروا بصفة غير شرعية، وهو حمايتهم عندما يكونون على أراض الولايات المتحدة، وكذلك التأكد من أنهم بعودون سالمين إلى أهاليهم، بينما إذا قامت سلطات الهجرة باعتقالهم وإدخالهم إلى قانون نظام الهجرة فإنه من الصعب تعقب هؤلاء الاطفال عندما تقوم المحكمة باتخاذ الاجراءات اللازمة تجاههم، إضافة إلى أن هناك أعدادا كبيرة لم يحضروا جلسات المحاكمات، ويختفون عن النظام؛ ونتيجة لذلك يتم التعرف على مصيرهم .كما أنه عندما يوضع الاطفال في طائرات ويرسلون إلى أوطانهم الأصلية قد يتم لم شملهم مع مجرمين متنكرين كأفراد أسرهم، حيث إنه لا توجد هناك آلية واضحة للتأكد من أن هؤلاء الأطفال تم إرسالهم إلى أهاليهم، إذ إن أبرز التحديات التي تواجهها دار الهجرة هي احتمالية إرسالهم إلى أناس قد يستغلونهم للقيام بأعمال غير شرعية .
ما هو الخطر؟
من الواضح جدا أن قاعدة بيانات الحمض النووي سوف تساعد في حل هذه المشكلة، ولكن ثمة بعض التحديات. وفي ظل توافر المعلومات الوراثية والتًي يتم تسجيلها وحفظها لأشخاص من دول مختلفة وطبقات اجتماعية متفاوتة تظل المخاوف المتعلقة بالخصوصية هي أبرز المعوقات، با ضافة إلى أنه متى ينبغي السماح للسلطات باستخراج الحمض النووي من الناحية القانونية؟ وفي أي الحالات سيتم استخدامه؟ وهل يمكن أن تستخدم في القضايا الجنائية؟ ومن الذي سوف يقوم بتخزين المعلومات؟ ومن الذي سوف يكون مسؤول إذا أُسيء استخدام هذه المعلومات الوراثية؟ وإن مجرد المحاولة بالاجابة عن هذه الاسئلة سوف تزيد من استحضار أسئلة تستحق الاجابة عليها. وذكرت كاتسينس أن هناك مخاطر حقيقية من إساءة استخدام هذه التقنية، وعلى وجه الخصوص الاستخدامات الاخرى لملفات الاحماض النووية من أجل أغراض أخرى غير الأغراض الاساسية التي من أجلها تم إجراء هذه الاختبارات. لكن لأن السؤال المعقد لا يعني أنه لا ينبغي علينا البحث عن إجابة ملموسة وحقيقية. إنه مجتمع يحتاج إلى سياسة حذرة. واعترفت البروفيسورة سارة بأن هذا المشروع سوف يستغرق ما يزيد على عقد من الزمن لمعرفة تفاصيله. الجزء الأكثر أهمية هو التثقيف والدعوة إلى ضرورة وجود قاعدة بيانات إنسانية دولية أكثر تنضيماً ومنهجية، مؤكدة أنه مادام هناك صراع في أمريكا الوسطى فإن هذه الصراعات سوف تنتقل إلى الشمال.
القصة الحزينة بجانب الإحصائيات!
أفاد تقرير حكومي لعام 2015 بالولايات المتحدة بأن الكثير من الاطفال في القارة الامريكية يهاجرون شمالا، وذلك بسبب المخاوف الاقتصادية والعنف في بلدانهم، وأيضاً جمع شملهم مع أفراد أسرهم المتواجدين في الولايات المتحدة. وطبقا للتقرير فإن هناك ما يقرب من ٧٥٪ ؛ أي ما يعادل ٥١ ألف من الاطفال المهاجرين بصفة غير شرعية والذين تم القبض عليهم في العام الماضي كانوا غالباً من ثلاث جنسيات وهي: السلفادور وجواتيمالا وهندوراس. لكن هذه الارقام غالبا ما تكون عديمة الفائدة. الاحصائيات على البشر المستغلين صعب جمعها؛ بسبب أن غالبية ضحايا الاستغلال مستعدين للمضي قدما والتبليغ؛ لأنهم خائفون من أن يتم القبض عليهم.وأضافت أن الرحلة دائما ما تكون في غاية الصعوبة والكثير من الاطفال يطلب منهم تهريب المخدرات أو يستخدمون بالاتجار بالجنس. وذكرت أن ما يقرب من ٤٠٪ من الأسر الذين يهاجرون إلى الشمال يتم اغتصابهم، (لكن نعلم عن مدى دقة هذه الارقام، ولكن يمكن التأكد منها). وأضافت أيضا أنهم غير متأكدين مما يحدث، ولكنهم سمعوا الكثير من القصص التي تتحدث عن سوء المعاملة والتي يمكن أن تعتبر “فقط قصص” لكن الادلة ساحقة وكثيرة . وليس من المرجح قيام الضحايا بإبلاغ الشرطة عن هذه المشاكل؛ إنهم يخافون من أن يجعل الاخصائيون الاجتماعيون القضية ضدهم. وختمت كاتسينس التي تعمل محاضرة في كلية العلوم والمجتمع في جامعة ديك حديثها بقولها: إن السكوت عن التحرش الجنسي هو دائما بسبب طبيعة الانسان؛ ان الانسان دائما يعتبر نفسه ناجيا من كارثة، و يرى نفسه كضحية وإنما ينفذ ما يطلب منه للنجاة فحسب.
رابط المقال الأصلي: